السلام عليكم.. أعاني من مشاكل كتيرة مع أهل زوجي وأمه كانت في البداية تحبني لكن عصبيتي وقلة صبري جعلني أفقدها.
وأفقد أهل زوجي فقد قاطعوني كلهم وأم زوجي طردتني ولا تكلمني لا تقبل اعتداري لاني سبق أن اعتذرت لها لكن كررت الخطأ
وكل مشاكلي سببها إخوة زوجي أو زوجات أخيه فأنا جديدة عليهم وهم اقاربهم مع اني سكنت معهم سبعة شهور لكن المشاكل كانت كتيرة.
فالكل يتدخل ويجرح حتى إذا المشكلة صغيرة يكبرونها وهم من طلبوا من ام زوجي ألا تتكلم معي
كما أانهم وصفوني بالكذابة واشياء اخرى وشوهوا سمعتي مع الناس حتى اني اردت ان اسلم عليهم رفضوا انا نادمة جدا ومتحسرة لأن الأمور وصلت هكذا أتمنى أن أجد حل عندكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين .. وبعد,
أخيتنا الحبيبة .. فريدة ..
أهلاً ومرحباً بكِ في موقعكِ المستشار .. شاكرين ومقدرين ثقتكِ الغالية بنا ..
عزيزتي ..
تأملي معي هذه القصة ..
يحكى عن أحد العقلاء أن له ابناً غضوباً يفقد صوابه في حالة الغضب .. فأحضر له والده كيساً مملوءاً بالمسامير وقال له: يا بني أريدك أن تدق مسماراً في سياج حديقتنا الخشبي كلما اجتاحتك موجة غضب وفقدت أعصابك .. وهكذا بدأ الولد بتنفيذ نصيحة والده ....
فدق في اليوم الأول 37 مسماراً، ولكن إدخال المسمار في السياج لم يكن سهلاً ..
فبدأ يحاول تمالك نفسه عند الغضب، وبعدها وبعد مرور أيام كان يدق مسامير أقل، وفي أسابيع تمكن من ضبط نفسه، وتوقف عن الغضب وعن دق المسامير، فجاء والده وأخبره بإنجازه .. ففرح الأب بهذا التحول، وقال له: ولكن عليك الآن يا بني استخراج مسمار لكل يوم يمر عليك لم تغضب فيه .. وبدأ الولد من جديد بخلع المسامير في اليوم الذي لا يغضب فيه حتى انتهى من المسامير في السياج ..
فجاء إلى والده وأخبره بإنجازه مرة أخرى، فأخذه والده إلى السياج وقال له:
يا بني أحسنت صنعاً، ولكن انظر الآن إلى تلك الثقوب في السياج، هذا السياج لن يكون كما كان أبداً، وأضاف:
عندما تقول أشياء في حالة الغضب فإنها تترك آثاراً مثل هذه الثقوب في نفوس الآخرين.
تستطيع أن تطعن الإنسان وتُخرج السكين ولكن لا يهم كم مرة تقول: أنا آسف لأن الجرح سيظل هناك ..
إذن قد يتطلب كسب الأشخاص جهداً ولكن الجهد الأكبر يكون في كيفية المحافظة عليهم .. ولعلي أقف مع حديثك وقفات:
- ( أمه في البداية تحبني لكن عصبيتي وقلة صبري جعلني أفقدها وأفقد أهل زوجي – لا تقبل اعتذاري لأني سبق أن اعتذرت لكن كررت الخطأ )..
1) إن الاعتراف بالخطأ هو بداية الحل .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِى . قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » .. كرر الرسول عليه الصلاة والسلام هذا النهي؛ لأن الإنسان قد يغيب عقله ويتصرف تصرفاً يندم عليه لاحقاً ..
2) قال رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- »: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ « قَالُوا فَالشَّدِيدُ أَيُّمَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَال: » الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ .«.
وبالتالي يجب أن تعودي نفسكِ على إستراتيجية كبح ثورة الغضب؛ حتى لا تنتقل لأبنائك فأنتِ قدوة .. يقول تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } ( الرعد : 11) ..
= إذا انتابكِ شعوراً بالغضب فلا تتكلمي .. واحسبي حتى الرقم 10 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ » .. ثم تنفسي بعمق مردده قوله تعالى: { لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } ( الأنبياء : 87 ) واستعيذي من الشيطان الرجيم .. وغيري مكانكِ أو وضع جلوسكِ، والأفضل تقومي لتتوضئي؛ حتى تطفئي شعلة النار التي سرت في جسدكِ ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ » .. »أَلا وإن الغضب جَمْرَة في قلب ابن آدم . أما رأيتم إِلى حُمْرَة عينيه، وانتفاخ أوداجه ؟ فمن أحسّ بشيء من ذلك فَلْيَلْصَقْ بالأرض » ..
= اسألي نفسكِ وفكري للحظات .. هل يستحق الأمر كل هذا الغضب ؟!! ..
= لا تنسي الأضرار التي يمكن أن تحصل من جرّاء غضبك .. واسترجعي أجر كظم الغيظ .. قال تعالى: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ( آل عمران : 134 ) .. قال رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- »: من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة » أخرجه ابن أبي لدنيا في<قضاء الحوائج> عن ابن عمر وحسنه الألباني ..
وجاء في الحديث الآخر عن ابن عمر أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله) قال الألباني: أخرجه أحمد بإسنادين عنه، أحدهما صحيح.
= عودي نفسكِ الاسترخاء والإنصات في حالة الغضب والتعامل بالمنطق؛ محاوله فهم الأمر بشكل سليم وإزالة اللبس والخلاف بصورة لبقة؛ تكسبي بها نفسكِ ومن تحبين وكل من حولك ..
= قدمي حسن الظن بالآخرين .. وضعي مبررات للأمور؛ لأنه قد يكون هناك شيئاً لا تعلمينه .. وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ) .. وأخرج الإمام البيهقي بسنده في شُعَب الإيمان إلى جعفر بن محمد قال: إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا قل لعل له عذرا لا أعرف . .
= تذكري أن الغضب يعيق تفكيركِ ويمنعكِ التصرف السليم السريع .. وأنه كلما طالت فترة هدوئك وسيطرتك على نفسكِ تصرفتِ تصرفاً سليماً ..
3) اجمعي من عقلكِ وعواطفكِ كل ما حدث في الماضي من أخطاء بدرت منكِ ومنهم في ملف ثم أعملي له Delete , لتبدئي صفحة بيضاء جديدة ومشرقة تثبتي لهم حسن نيتكِ، وتثبتي لنفسك أنكِ قادرة على تطوير ذاتكِ للأفضل ..
4) حاولي الإحسان والتودد لأهل زوجك وبالأخص والدته .. عديها والدتكِ وأحسني إليها، وتحملي منها كما تتحملي من والدتك .. و أكسبي قلوبهم بالكلمة الطيبة والدعوة الصادقة والبسمة المشرقة والخلق الرفيع الراقي ..
5) يقول – صلى الله عليه وسلم - : « تَهَادُوا تَحَابُّوا » .. فالهدية وإن كانت بسيطة تعبر بما لا توفيه الكلمات، فبين فترة وأخرى أهدي والدته ..
6) اصبري واحتسبي كل معروف تقدمينه وكل ما تلاقينه من أجل الله .. فالعمل بالنية يتحول عبادة ولن يضيّع الله أجرك ..
7) امسحي من عقلك فكرة ( لأنكِ جديدة عليهم وهم أقارب يعاملونك بهذه الطريقة )، لأن حتى أسر العائلة الواحدة فيها من الاختلافات الفكرية والعادات والقيم الشيء الكثير .. وثقي بأنه بإمكانك أن تكسبي الجميع وتظهري لهم حسن خلقكِ وحسن تربيتكِ وجمال روحك ..
8) عليكِ بالدعاء وأنتي موقنة بالإجابة أن يخلصكِ الله من هذا الغضب .. ويرزقكِ الحلم وضبط النفس .. فإنهما من مكارم الأخلاق .. ولا تنسي الاستغفار بحيث لا يمر اليوم الواحد إلا وقد استغفرتِ مئة مرة ..
9) اقتني بعض الكتب التي تفيدك في كبح ثورة غضبكِ مثل كتاب ( إدارة الغضب ) للمؤلفة جيل لندنفيلد، وهو من الكتب الجيدة النافعة ..
و أخيراً ::
أتمنى بعد قراءة حروفي هذه .. أن تعزمي من الآن بتطبيقها بعد أن تتوكلي على الله .. وبشرينا بالنتائج ..
راسلينا كلما احتجتِ .. فنحن نسعد لمساعدتكم ومشاركتكم الحل ..
ختاماً ::
أسأل الله بحوله وقوته أن يشرح صدركِ .. ويزيل همكِ .. ويبعد عنكِ الغضب ويبدله بالحلم والحكمة .. ويرزقكِ حب زوجك وأهله، وأن يظلل عليكم ظلال التفهم والتسامح والألفة والرحمة والسعادة والاستقرار .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .. دمتِ بود ..
الكاتب: أ. سارة فريج السبيعي
المصدر: موقع المستشار